وماذا بعد…؟؟؟

قرون وسنوات تذهب لتأتي قرون وسنوات، يولد الآلاف بل الملايين ويموت نفس العدد أو أكثر حسب ظروف الحياة، مع ذلك حياة البشرية تتغير وتتحسن يوماً بعد يوم، يتطور الإنسان على الكرة الأرضية بناءً على قدراته العقلية والأمكانيات المتوفرة له جيلاً بعد جيل، وكل جيل يستفيد من علم ومعرفة وتجارب من سبقه حتى وصل العالم إلى ما هو عليه اليوم من تقدم هائل في جميع مجالات الحياة، وإختراعات واكتشافات مذهلة آباؤنا لم يكونوا يحلموا بها خاصة في العقدين الأخيرين.
بدأت هذه التطورات مع بداية القرن الماضي في أوربا وأميركا وذلك بتطوير الأسلحة، فكان التركيز على إظهار القوة والتجارب العسكرية، فبدأت كل دولة تتباهى بقدراتها وأسلحتها وسيطرتها على العالم، وكان التركيز على إبراز القوة، فقامت مع بدايات القرن الماضي وفي منتصفه حربين عالميتين كما تمت تسميتهما وانهزمت دول وإنتصرت أخرى، ودخلت الدول المنتصرة في المنافسة للإستثمار في التقدم العلمي، وبما أن فكرة شن الحروب ضد بعض لم تتوقف، استمر السباق على تطوير الأسلحة، وإحتدت المنافسة بين الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي وبدأت كل منهما عرض قوتها من خلال إبتكار أسلحة الدمار الشامل بالإضافة إلى بارجات حربية تجوب المحيطات وصواريخ عابرة للقارات وطائرات خرقت سرعة الصوت، ثم بعد ذلك إتسع أفق معرفتهما وأدركتا أن قدراتهما يجب أن تشمل مجالات أخرى تبرزان من خلالها كامل إمكانياتهما وتظهران بها تفوقهما فبدأ السباق على إكتشاف الفضاء فأطلق الإتحاد السوفياتي أول سفينة مأهولة وأصبح “يوري جاجرين” أشهر إنسان على كوكب الأرض وأصبحت الكلبة “لايكا” أشهر حيوان، ثم أرسلت الولايات المتحدة مركبة تحمل إنساناً مشى على سطح القمر فدخل “آرمسترنج” السباق على الشهرة، وهكذا إستمرت المنافسة تشتد تارة وتلتقي أخرى، فتتالت الإكتشافات والإختراعات. ومع نهاية القرن أثبتت الولايات المتحدة تفوقها عن جدارة وإستحقاق في شتى المجالات.
وبدأ عصر جديد عصر الإنفجار المعرفي والقوة التكنولوجية وكسرت دول أوربا واليابان وكوريا الجنوبية إحتكار الكبار وإشتد التنافس على تطوير وسائل الإعلام المرئية وتكنولوجيا المعلومات والإستفادة منها بسرعة وسهولة، لتقريب المسافات بين مختلف القارات. ولم تتوانى هذه الدول عن البحث عن المزيد وإستمر العمل والإجتهاد في البحث العلمي وأصبح العلم والمعرفة في متناول الجميع بعد أن كانا سلعة نادرة تقتصر على ذوي الإختصاص وأصبح التبادل المعلوماتي والتواصل الإجتماعي والإقتصادي بين رجال المال والأعمال أسهل وأسرع، وهذه الوسائل في مجملها صنعتها وطورتها شركات كلها تقريباً أميركية عملت وإجتهدت لكي تجعل حياة الإنسان مختلفة.
ومع نهاية القرن الماضي وبداية القرن الجديد لم يتوقف طموح هذه الشركات عند حد معين وإستمرت في تنمية مهاراتها بفضل جهد وعبقرية شباب طوروا أفكاراً غيرت العالم بين ليلة وضحاها، فبرزت وسائل التواصل الإجتماعي بمختلف أشكالها كأهم إكتشافات هذا القرن إلى الآن، وأصبح التواصل أسرع فأسرع.
فإذا كانت هذه هي البداية فكيف سيكون القادم يا ترى وإلى أين سوف نصل؟؟ ومن سيكون في المقدمة؟؟ مع أني أعتقد أن هذا هو الشيء الوحيد الذي قد لا يتغير لأن من يصل إلى القمة من الصعب أن يتنازل عنها، وبكل تأكيد أن الإختراعات القادمة سوف تكون أفضل، وما سوف يستفيد منه الجيل القادم سيكون مختلفاً عما نعيشه حالياً مثلما كان آباؤنا وأجدادنا يعيشون بأساليب بسيطة ولم يحلموا أو يتوقعوا ما وصل إليه العلم في هذا الزمن.
فهل يا ترى الجيل القادم سوف يفتح آفاقاً جديدة وربما كواكب أخرى يمكن الإنتقال إليها في ساعات معدودة، وقد يتباهى كل واحد بقضاء أيام في كوكب ما أو الذهاب في رحلة إلى كوكب آخر، كما يحدث حالياً من سرعة التنقل بين القارات، وهل سوف ترتقي المعرفة والتكنولوجيا لتسمو بعقل الإنسان وتحفزه على حل مشاكله بحكمة وسلام؟؟ من يدري، فما كان مستحيلاً أصبح ممكناً مع بداية هذا القرن. وما هو ممكن اليوم قد يصبح لا قيمة له مع إزدهار الثورة المعرفية وحاجتها الى التغيير والتطوير الدائم.
أما فيما يتعلق بعلاقات الدول، فلنتخيل شابين من دولتين في قارتين مختلفتين وهما المستقبل والقوة القادمة، تعرفا على بعض عبر وسائل التواصل الإجتماعي، كما يحدث هذه الأيام، ويتبادلان المواقف والرؤى، وصادف أن ترشحا بعد فترة كل في دولته وتم انتخابهما للرئاسة ولا زالت صداقتهما مستمرة، فكيف ستكون علاقات بلديهما وأين سيتفقان وعلى ماذا سيختلفان؟؟
بكل تأكيد سيعملان جاهدين لتقريب وجهات النظر والسعي إلى ما هو أحسن لبلديهما وللعالم وما يؤمن السلام بين البشر، قد لا يصدق أحد ذلك لكن كل شيء جائز!!
“وما أوتيتم من العلم إلاَّ قليلاً
صدق الله العظيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *