لوس أنجلوس … مدينة الحلم والحقيقة

لوس انجلوس المدينة المدللة، مدينة النخبة في أمريكا، أصلها كلمة اسبانية وتعني مدينة الملائكة. زرتها للمرة الثالثة قبل أشهر، ولازالت مكانتها لا تضاهيها أية مدينة أخرى في الولايات المتحدة حسب تقديري فإذا كانت نيويورك عاصمة المال والأعمال فإن لوس أنجلوس عاصمة الفن والشهرة، وما يتم كسبه في نيويورك يصرف في لوس أنجلوس!!!
لوس أنجلوس، مدينة الحلم والحقيقة، مدينة الواقع والخيال، زيارتها ليست كزيارة بقية المدن، إنها مدينة الإبداع والإبتكار، مدينة يعيش فيها أشخاص ذوي الخيال الواسع، يعملون من أجل إسعاد العالم ولو لساعات محدودة وينقلونك من كوكب إلى آخر، في الفضاء الخارجي، أو في أعماق البحار، أو حياة صعبة، أو حب ورومانسية ، أو مآسات إنسانية، كل هذا يبدأ من هناك، بأفلامها الواقعية والخيالية التي لا يمكن إنتاجها إلا في هذه المدينة الراقية الذكية، إن ما يقدمه هؤلاء العباقرة من الخيال يصبح واقعاً بعد سنوات، وكل ما نشاهده على أرض الواقع من تقدم علمي كانت بدايته خيالية، وبقدرة هؤلاء المبدعين من فنيين، وتقنيين، ومصورين، ومخرجين، وممثلين، أصبحنا نرى العالم بشكل مختلف، عالم لا يفرق بين أبيض وأسود، بل كل من يمتلك الموهبة والعمل الجاد يحصل على فرصته للنجاح، كالممثل القدير “سدني بوتي”، و”مورجن فريمن”، و”عمر الشريف”، وغيرهم الكثير، وكل ما نشاهده من مناظر غريبة وعجيبة، هو على أرض الواقع مساحة محدودة، أو غرفة صغيرة، ينقلونك من خلالها إلى الفضاء الخارجي، أوإلى أعماق البحار، أو الى الحروب بين الدول والقارات، أو القصور القديمة الخيالية، هؤلاء الذين قدموا ويقدمون، جيلاً بعد جيل هذه الإبداعات التي لا مثيل لها في العالم.
مدينة لوس أنجلوس مدينة أعلى نسبة تشغيل في الولايات المتحدة في مجالات الفن والترفيه، مدينة الفرص والتناقض، المدينة التي يتعدى فيها أجر المنتج الموسيقي 30 مليون دولار، وقد لا يتجاوز أجر الموسيقي 10 آلاف دولار، بينما يبلغ أجر الكاتب 100 ألف دولار، وقد يصل أجر المخرج إلى حوالي 18 مليون دولار، بينما يحصل الممثل أو الممثلة على أكثر من 30 مليون دولار.
قضيت فيها أسبوعاً، مع أنه لا يكفي للإستمتاع بجمالها وزيارة كل مناطقها ومعالمها السياحية وضواحيها.
لوس أنجلوس في رأيي أقل المدن الأمريكية إزدحاماً أو على الأقل المدن التي زرتها، مع أن أعداد السيارات فيها مرتفع لكن تنظيم وترخيص السيارات صارم. أما في بعض المناطق القريبة من لوس أنجلوس، فالنظام صارم جداً، كما في جزيرة “سانتا كاتالينا” التي تبعد بحوالي 30 ميلاً بحرياً عنها والتي لا يمكنك التجوال فيها إلا في سيارات “الغولف كارت” لأن قوانين إمتلاك سيارة هناك مشددة، وكما قال مرافقنا يجب الإنتظار أكثر من عشر سنوات لإمتلاك سيارة في الجزيرة!!!
أما فيما يخص البيئة فلوس أنجلوس كذلك من بين أكثر المدن خضرة في أمريكا، فخلال تجوالك من منطقة إلى أخرى تبهرك تلالها اللامتناهية كما تعتبر حديقة “GRIFFITH PARK” أكبر حديقة في الولايات المتحدة حيث تبلغ مساحتها حوالي 4200 هكتار، تتنوع بين الجبال والكهوف وإختلاف جيولوجي غني لن تجد له مثيلاً في أي مكان في العالم، مع ذلك فنسبة التلوث مرتفعة في المدينة.
وبما أن الولايات المتحدة رائدة التكنولوجيا وكل الإختراعات بدأت من أرضها، فلم أستغرب وجود “الواي فاي” الأنترنت في كل مكان والمدهش هو توفره حتى في سيارات الأجرة، حيث يستعمله كل أصحاب السيارات من خلال الهواتف الذكية لتتبع ومعرفة أخبار الإزدحام، أو الحوادث وبالتالي تغيير المسارات إلى الأسرع والأقل ازدحاماً وهو تطبيق في كل الهواتف الذكية ويستخدمه الجميع ويتطوع الأغلبية لإرسال المعلومات المهمة عن إنسيابية الطريق.
خلال تجوالك في شوارع لوس انجلوس تصادف العرب في المناطق المشهورة “كبفرلي هيلز” أو “سانتا مونيكا” لكن تظل معرفة أغلب المواطنين الأمريكيين بالدول العربية محدودة سواءً كان ذلك عن تحفظ أو عدم معرفة، كما حصل عندما كنت جالساً أقرأ في بهو الفندق حيث كان يجلس بطاولة مجاورة لي مجموعة، عرفت فيما بعد أنهم من ولايات مختلفة سألني أحدهم بأية لغة تقرأ؟؟ قلت: العربية، قال: أأنت عربي من أي بلد أنت؟؟ قلت: UAE رد زميله بإستغراب USA قلت الإسم الكامل للدولة وردد الاسم وقال الإسم قريب من إسم الولايات المتحدة هل أنتم كذلك قلت: لا، نحن دولة مكونة من سبع إمارات أشهرها أبوظبي ودبي، وشركتا طيران الاتحاد والإمارات تقدمان رحلات أسبوعية إلى الولايات المتحدة بما فيها لوس أنجلوس، هنا تدخل زميل آخر لهم، نعم نعم دبي هناك صديق لي كان يعمل هناك ورجع قبل أشهر وقال لنا أن مدينتي دبي وأبوظبي تختلفان عن كل مدن المنطقة وتضاهيان مدناً أوربية ومن خلال ما رأيته من الصور التي أطلعنا عليها، فنادقكم تنافس أرقى الفنادق في العالم ولدي خطة لزيارتها قريباً، قلت له، ستعجبك أكثر على أرض الواقع.
هكذا هو السفر فوائده لا تعد ولا تحصى، كزيارة أماكن جديدة أوالتعرف على ثقافات مختلفة، أوالإستمتاع براحة تحتاج لها، أو لقاءات غير متوقعة تستفيد منها بمعلومة أو تعطي فيها معلومة، لكنها غالباً ما تكون لقاءات بسيطة وعفوية نفتقدها في زمننا هذا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *