التاريخ ذاكرة الماضي والحاضر

وصلتني رسالة عبر البريد الالكتروني من أحد الأصدقاء يقول فيها أن العالم بفضل التقنيات التكنولوجية العالية الجودة والفائقة التطور أصبح مفتوحاً على بعضه البعض بحيث لا يمكن إخفاء أي شئ أو تمويه أية حقيقة أو طمسها، رغم كل ذلك لا زال بعض السؤولين العرب يحاولون، ويتسائل: ألا تعتقد أنهم يخدعون أنفسهم قبل أي أحد وكأنهم بذلك يريدون إبقاء الحقائق بعيدة عن أعينهم لكي لا تذكرهم بالواقع، مثلهم مثل النعامة التي تدفن رأسها في الرمال ظناً منها أن الآخرين لا يرونها!!! لكن وسائل الإعلام المقروئة والمسموعة في الدول المتقدمة تقوم بحملات موسعة لنشر الحقائق حتى لو كانت تتعلق بأكبر المسؤولين وفضح مخالفاتهم وكشفها لعامة الناس، أما في دول العالم الثالث والدول العربية فوسائل الإعلام وأجهزته تستغل وتنشر ما يريده المسؤولون، لكن في الوقت الحالي لم يعد ذلك يستمر طويلاً حيث أصبحت الحقائق تكشف مهما طال الزمن.
هذه الرسالة أكدت لي أن التمويه والخداع من اختصاص البشر، ويمكن الإستمرار فيه لفترة محددة لكن ليس للأبد، والأمثلة في التاريخ البعيد والقريب عديدة على مستوى الأفراد والجماعات، وكل شيء مخزون في ذاكرة التاريخ فهو الوحيد الذي يُسجل ويكشف أعمال الإنسان على مر السنين، وخير دليل على ذلك جورج بوش الإبن الذي كان رئيساً لأكبر دولة في العالم منذ فترة قريبة، لا يُذكر حالياً في دولته وخارجها إلا بأعماله الشريرة وهذا أكثر ما سجله له التاريخ الذي يذكر أيضاً هتلر وستالين كدكتاتوريان وقاهري الشعوب مع أنهم كانوا أقوياء ولم يسمحوا في عهدهم لأحد بمخالفتهم الرأي وحاولوا القضاء على كل من تجرأ على ذلك كما حاولوا طمس الحقائق و إبراز أنفسهم فوق الجميع وبأنهم دائماً على صواب لكن بعد اختفائهم من الحياة ظهرت الحقيقة ونشرت الوقائع التي كشفت المستور. وفي الوقت نفسه يذكر التاريخ مناضلون مثل غاندي الذي قال عنه البريطانيون بأنه إرهابي متمرد، ومنديلا الذي سُجن وعُذب في جزيرة نائية واللذان كانا لا يملكان أمام أعدائهم سوى قوة الكلمة والرأي وثقتهم في مبادئهم ودفاعهم عن حق من يمثلونهم بالعيش والحياة الكريمة وانتصروا، وسوف يبقوا رموزاً للخير والحرية. وكذلك تشي جيفارا الذي لم يَعِش طويلاً ومات قبل أن يحقق أحلامه وأحلام من كان يمثلهم إلا أن أفكاره وآرائه التي نادى بها في فترة بسيطة لا زالت إلى الآن منتشرة في كل أنحاء العالم وقتل وهو لا يملك في دنياه شيئاً سوى اسمه وسمعته، وبقي اسمه رمزاً وصورته معلقة في قلب كل شاب وشابة حتى في الدول التي حاربت أفكاره كالولايات المتحدة الأمريكية التي لا زال الكثيرون من مواطنيها يتبادلون صوره كتذكار.
هذا في ما يخص العصر الحديث أما التاريخ القديم فيذكر فرعون ونمرود وغيرهم من الطغاة كرموز للشر والإستبداد مع أنهم كانوا أقوياء وجبابرة وكان لهم أتباع في حياتهم. أما خير ما يميز العصر الحالي فهو أجهزة التكنولوجيا التي أصبحت تنشر كل شاردة وواردة لصانعي الخير والشر دون استثناء، و أصبح الأفراد بمختلف الأعمار مطلعين على كل شيء. إن الإنسان يأتي إلى الدنيا ليذهب بأعماله خيراً كانت أم شراً غنياً كان أم فقيراً، حاكماً أم محكوماً وسيظل اسمه يـُذكر بخيره مهما كان بسيطاً وبشره مهما كان كبيراً وكما يقول الله تعالى في كتابه الكريم : ((فـَمَــنْ يَعْمَــل مِثقـال ذرّةٍ خَيْـراً يَـرَه ومَنْ يَعْمَــل مِثقـال ذرّةٍ شراً يَـره)) صدق الله العظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *