العـرب والكرسي

ماهو الكرسي؟؟ أهو ما يكرس له بعض العرب حياتهم للبقاء عليه مدى الحياة وبأي ثمن وبكل الوسائل وكأنه ملكهم الخاص؟؟ أم هو المقعد الذي عقد الشعوب العربية وأقعدها فترة طويلة رغماً عنها ورغم كبر عددها، نعم الكرسي الذي أقصده هو كرسي الحكم والسلطة، الذي أصبح مرضاً من الأمراض المستعصية عند العرب وكابوساً عند الشعوب العربية، وهو السبب فيما وصلوا إليه من تأخر وضعف وتشتت وهو أصل كل بلاوي الأمة، حتى أصبح كل من يجلس عليه لا يتصور الحياة دونه، لكن لماذا الكرسي في الوطن العربي فقط هو الذي يصعب القيام من عليه؟؟ بعكس الدول الغربية التي عندما يصل فيها الشخص إلى مرحلة معينة، أو تنتهي فترة حكمه مهما كانت إغرائآت الكرسي، فإنه يتركه لآخرين، ويتفرغ لحياته الخاصة سواء في عمل جديد أو نمط حياة جديد من مكان أو موقع ملائم حسب قدراته وسنه، أو غالباً للإسترخاء مع أسرته وعائلته وأصدقائه لذلك لا نستطيع إلقاء اللوم على الكرسي بأنه السبب في كل المصائب التي وصلت إليها بعض الدول العربية، فالكرسي برئ، ولا حول له ولا قوة ولا يمكنه التمسك بأحد رغماً عنه كما أنه لا يعطي ضماناً لأحد بالبقاء عليه مدى الحياة، إنما هو طمع الطامحين إليه في الوطن العربي، إذ بمجرد أن يصل إليه الفرد سواءً بالإنتخابات المزورة أو بالأنقضاض عليه أو بضربة حظ أو بأية وسيلة أخرى، يستأثر به لنفسه ولا يسمح لأي كان التقرب منه ويكرس حياته للدفاع عن بقائه عليه يشجعه على ذلك المتملقون والمستفيدون المحيطون به مع أن كل واحد منهم يحلم بفرصة للإستيلاء عليه، وتضيع بين الصراع على الكرسي آمال وطموح الشعوب وحتى أبسط حقوقهم للعيش الكريم، لكن ماهو السر وراء التمسك بالكرسي عند بعض العرب وكأنه أهم شيء في الحياة؟؟ أهو لعنة تصيبهم أم عقدة يعانون منها؟؟ أم السبب بسيط حيث يتصور كل من يجلس عليه أنه هو الوسيلة الوحيدة للغنى والقوة، للسلطة والتحكم، للشهرة والمجد، لأن الجلوس على الكرسي عند هؤلاء تحركه المصالح الخاصة وليست المبادئ، لذلك يعجزوا عن القيام بمهامهم، وتصبح عندهم مناعة ضد مطالب ومتطلبات شعوبهم، فليس مهماً عندهم أن يتقطع أو يتجزأ الوطن ولا أن يعاني أو يموت المواطن حتى لو حرق نفسه أو انتحر، إنما الأهم هو البقاء على الكرسي، وكأن بعضهم يفتخر بأنه لم يصل إليه لخدمة الوطن وبإرادة المواطن إنما عن إصرار وتخطيط بطريقة ما، لأن الكرسي بالنسبة إليه هو الطريقة الوحيدة لممارسة حريته وكبت حريات الآخرين، وهو يراهن على ذلك بدل أن يراهن على ماذا يمكنه أن يحقق لوطنه في الفترة التي يجلس فيها عليه والتي تمتد غالباً لسنوات طويلة مهما تدهورت حال المواطن، إنما حججه ووعوده دائماً جاهزة للبقاء على الكرسي حتى لو كان الثمن التنازل أو التراجع عن بعض القرارات. أو التضحية ببعض المستفيدين والمقربين منه، إنما لا يمكن أن يكون الثمن التفريط في الكرسي، فالكرسي كلما تعود عليه صاحبه كلما تمسك به، لكن لماذا يحصل هذا عند العرب فقط، قد يكون السبب تاريخياً فالعرب لم يتعودوا الجلوس على الكرسي، لكن بمجرد أن جربوه التصقوا عليه فأصبحوا يكنون له كل التقدير والتبجيل لأنه حررهم من الجلوس على الأرض، وبما أن الكرسي صناعة غربية فهم المتحكمون في كل من يجلس عليه أي الغرب!! لذلك لا يملك المواطن العربي حتى لو تظاهر أو اعتصم لتحقيق بعض مطالبه فإنه لن يستطيع تحقيقها، لكنه لا يملك إلا الدعاء على مخترع الكرسي وصانعه والمتحكم فيه والمتمسك به، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لخلاصه!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *