(دور مصر بين الأمس واليوم)

أوردت وكالات الأنباء أن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أمر باعتماد 3 ثلاث مليارات دولار كحزمة مالية لمساعدة جمهورية مصر العربية، وهذا ليس بغريب على دولة الإمارات وعلى أبناء المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي لا زالت بصمات أياديه البيضاء شاهدة في الشرق والغرب.
أما بالنسبة للدعم الحالي فهو بلا شك دعم لشعب شقيق وواجب أخوي لمصر، التي لها فضلٌ كبير على شعوب الأمة العربية ولابد من الوقوف بجانبها في هذه الفترة، خاصة دول مجلس التعاون وهي القادرة والحمد لله على مساعدة كل الشعوب العربية التي تتحرر من الحكومات الفاسدة، ففي النهاية هذا الدعم سيكون عاملاً فعالاً لتوحيد الصف العربي. ولا أحد ينكر أن مصر ساعدت فيما مضى دولاً عربيةً كثيرة مادياً ومعنوياً من المغرب إلى المشرق وحتى الدول الإفريقية والإسلامية ودول الخليج كانت من بينها، وأبرز مثال على هذه المساعدات قيام مصر بإرسال مجموعة من المدرسين والأطباء لتقديم الدعم والتأهيل ، وكذلك قبول أعدادٍ كبيرةٍ من الطلبة في جامعاتها.
قبل أيام تابعت برنامجاً على إحدى القنوات الفضائية تناول الفساد المالي في مصر، في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وشارك في البرنامج ضيوف مصريون كان لهم موقعهم ومكانتهم في مؤسسات مالية واقتصادية قبل إقالتهم أو استقالتهم حسب ما ورد على لسانهم، وتحدثوا عن الفساد المالي بين أفراد عائلة الرئيس المخلوع والمقربين منهم وشخص الرئيس نفسه، وكيف كانت القوانين والأنظمة المالية تُستغل وتُسخَّر لتهريب الأموال إلى الخارج بأسمائهم، وأغلبها كانت مساعدات قدمت لدعم مصر من دول مختلفة، وقدروا الأموال المسروقة والمهربة إلى الخارج بمليارات الدولارات، وهذا يعني أن الحكومة المصرية وحكومات عربية وغربية كانت على علم بأن هذه الأموال لا تذهب إلى خزينة الدولة لإنجاز مشاريع لخدمة الوطن والمواطن، فهي إذن شاركت في الفساد وساندت المفسدين بشكل أو بآخر ولم تبالي بمعاناة ملايين المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، كما دار حديث غريب حول هذا الموضوع خلال البرنامج، حيث قال أحد الضيوف: إن الفساد في مصر كان يشمل الجميع ومن لم يسرق مباشرة كان يساعد من يسرق، بغية التقرب إلى المسؤولين والحصول على امتيازات، كالعيش في فلل من أرقى المستويات والتنعم بحياة رغدة لم يكن يحلم بها.
مصر قد تكون أغنى من كثير من الدول وعلى رأسها بعض الدول الأوروبية، مثل اليونان والبرتغال وآيسلندا، لكن الفساد الذي انتشر فيها في الأربعين سنة الماضية هو الذي أفقر الدولة والشعب وأثرى فئةً قليلة وكأن مؤامرة حيكت لبقاء مصر على هذه الحالة بغية إبعادها عن الوطن العربي وقضاياه وشاركت في ذلك دول عربية تدَّعي أنها شقيقة، والمعروفة بدعمها الشخصي للرئيس المخلوع إلى جانب مجموعة من المفسدين حوله، والجهاز الإعلامي التابع له وهُم مَن أفقَرَ الدولة والشعب.
إن مصر دولة غنية بمصادرها الطبيعية ودخلها القومي الذي هُرِّب إلى الخارج، وبعلمائها ومثقفيها الذين نجحوا خارجها ورفعوا إسمها عالياً، ولو عاش هؤلاء في بلادهم مكرمين لخدموها بإخلاص مثلما فعلوا في موطنهم الجديد، قال لي أحد هؤلاء العلماء المعروفين على مستوى العالم: لو كنت في مصر لكنت حتى الآن مدرس جغرافيا في إحدى المدارس في قرية نائية!!!
على كلٍّ مصر لن ولم تكن بحاجة إلى مساعدات مالية لكنها بحاجة إلى حكومة رشيدة وشعب واع لا ينخدع بالمظاهر الكذابة والشعارات المزيفة، ولها أن تفتخر بشبابها الذين تحركوا وكشفوا تجاوزات الحكومة السابقة والتي قد تأخذ وقتا للتصحيح، لكن المستقبل سوف يكون أحسن، وهذه حقيقة وليست دفاعاً عن ثورة الشباب، لأن مصر بإمكانياتها البشرية والطبيعية ليست دولة فقيرة كما يظن البعض، والأيام القادمة سوف تثبت ذلك.
أخيرا ما الذي كسبه حسنى مبارك وبن علي وعائلاتهم وأعوانهم والمقربون منهم؟؟ لا شيء، إلا البعد عن الوطن أو السجن أو العزلة، وبماذا سوف تنفعهم الأموال المكدسة في الخارج في ظل هذه الخيارات؟؟ وما الذي سوف يكسبه غيرهم من هؤلاء الذين نتابع شعوبهم تتظاهر يومياً ضد نظامهم وهم لا يستجيبون؟؟ فإلى متى سوف يعاندون وإلى متى سوف تتحمل الشعوب تعنتهم؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *