القرائة … هبة ونعمة

القرائة ثقافة وأهم وسائل المعرفة، ومن يقرأ يتعلم ويستفيد ويفيد، ويستمتع ويزيد من قدراته وإبداعاته، ويتوسع أفقه ويتزود بمعلومات في شتى المجالات. القرائة كانت ولا زالت في كل زمان ومكان وعلى مر العصور ملهماً للباحث وراء الحقيقة، ومصدراً مهماً لإجراء الأبحاث ومعرفة الحقائق .
ومع تقدم العصر وتعدد أدوات القرائة من الكتاب الورقي إلى الإلكتروني بأشكاله المختفلة وسهولة استخدامه وحمله في كل وقت، صار الإنسان الذي يهوى القرائة يقرأ أكثر لذلك هو بكل تأكيد أكثر كفاءة وإنتاجاً ومعرفة من من ليست لديه هذه الهواية .
ورغم هذا التقدم التكنولوجي إلا أن كتابة وطباعة الكتب لا زالت مستمرة وبكل اللغات وفي جميع المجالات والإهتمامات لتلبي رغبات الجميع .
في الماضي كان الكتاب يكتبون في مجالات محدودة كالشعر والقصص والتاريخ. ثم اتسعت المجالات من أبحاث معلوماتية، وتكنولوجية إلى إكتشافات وإنجازات علمية، ومن تحليلات سياسية وإقتصادية إلى سير ذاتية، وروائع تاريخية وتراثية وغيرها الكثير لخدمة القاريء وتزويده بالمعلومات اللازمة في كل ما يبحث عنه، وليس هناك ما تتعذر الإجابة عليه اليوم حيث أن هناك مئآت الكتاب في مجالات مختلفة هم أساتذة ومتخصصين وعلماء في أكبر الجامعات، إتخذوا مساراً يساير ما توصل إليه العلم والمعرفة ويغني عن عناء التعب والبحث بوسائل جديدة سهلت الإطلاع والإستفادة في وقت قياسي، وبفضل الإبداعات التكنولوجية أصبحت آفاق القرائة أوسع وأرحب وأصبحت المعل ومات في متناول الجميع، وإزدادت طباعة الكتب عاماً بعد عام، حيث تقول بعض المصادر أن طباعة الكتب إرتفعت بنسبة 21 % بين عامي 2012 و 2014
ومؤخراً أثبتت بعض الأبحاث حسب ما ورد في موقع BBC. أن القرائة ليست مجرد أداة لتطوير الفكر وتقديم المعلومات بل يمكن أن تكون وسيلة لمواجهة التحديات ومصدر إلهام لتغيير السلوك، إذ يمكن لكتاب أن يكون علاجاً فعالاً لبعض الأمراض النفسية، كتحسين المزاج والتحفيز على التغيير وشفاء الروح .
شخصياً تعلمت من القرائة الشيء الكثير تعلمت كيف أستمتع بها وأستفيد منها، علمتني حب العمل والمثابرة والتفوق على النفس، فمهما قرأ الإنسان يظل في حاجة إلى المزيد. فالقرائة تجدد الطاقة وتحفز الذاكرة وتقوي المعلومات .
مؤخراً قرأت مذكرات )هيلاري كلينتون( وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة والمرشحة للرئاسة، الكتاب في مجمله يشتمل على حقائق عن مسيرتها السياسية كما تتغنى فيه بالحرية والديمقراطية في أمريكا لتحسين صورتها وتلميعها كالعادة، بإعتبارها الدولة الأقوى دون ذكر سلبياتها أو الإعتراف بإخفاقاتها حسب رأيي .
وما لفت نظري ما كتبته عن الصين، ورغم تحفظها إلا أن ذلك لا يخفي الإعتراف بقوتها وبدورها كمنافس قوي .
أما المهم هو ما ذكرته عن الشرق الأوسط خاصة الدول العربية فلقد كتبت بعض الحقائق الغائبة وخبايا إتصالاتها ببعض المسؤولين العرب، وهذا يختلف طبعاً عن ما نسمعه ونقرأه في وسائل الإعلام العربية، وكأنها تريد أن تقول بأن الولايات المتحدة تدير شؤون أغلب الحكومات العربية وأنها تابعة لها وليست كإسرائيل مستقلة في قراراتها، إسرائيل التي أولتها جانباً مهما من كتابها وهذا ليس مستغرباً فهي تعتبرها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وتجسد حلم كل الأمريكيين، بينما تنتقد الفلسطينيين وتلوم قادتهم لأنهم ليسوا مستعدين للسلام الحقيقي مع إسرائيل رغم كلامها المقتضب عن مناداتها الدائمة بتأسيس دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل وبرضاها، إلا أنه دون حماسة ولا يرتقي إلى السعي الجاد والضغط على إسرائيل لإتمامه لأن الحل والربط بيدها، بدل إلقاء اللوم على الفلسطينيين الذين لا حول ولا قوة لهم
على كل حتى لو قلنا بأن ما ذكرته لم يكن بجديد، لكن هناك فرق بين تحليل الوقائع وإستنتاج الحقائق دون التأكيد، وبين الحصول عليها من مصدر كهيلاري كلينتون .
هذه هي القرائة إستثمار للوقت، ووسيلة للإستفادة وتعزيز الثقة وتنشيط الخيال والذاكرة، وإقبال على الحياة بعزيمة وتصميم أكبر وأمل لا محدود كل هذا دون مقابل …
يقال:
إن القرائة تصنع إنساناً كاملا
والكتابة تصنع إنسانا دقيق اً….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *