(الأستراتيجيات من يقرها ، ومن يفرض تغييرها)

صرح مسئولون رفيعو المستوى في الحكومة الأمريكية بأن الإستراتيجية العسكرية الأمريكية سوف لن تتغير بتغيير الأفراد ، جاء ذلك عقب التغيير الذي حصل في القيادة العسكرية الأمريكية في أفغانستان بعد أن انتقـد قائد الجيش الأمريكي وحلف الناتو المُقال ، بعض كبار الشخصيات الأمريكية حيث جاءت التصريحات في أصعب فترة تمر بها قوات حلف النـاتو والجيش الأمريكي في أفغانستان التي ذهبوا إليها ليقاتلو شعباً قاوم الجيش الروسي وهزمه شر هزيمة ، على كلٍ ، مع أنه لم يذكر سبب التغيير في قيادة الجيش الأمريكي هناك إلاّ أن التغيير أمر طبيعي خاصة عندما يصل الأمر إلى مثل هذه الأوضاع ، المهم في موضوعنا الإستراتيجيات وتغييرها من عدمه ، حيث سمعنا وقرأنا الكثير والكثير من مثل هذه التصريحات في الفترة السابقة من قيادات أمريكية مختلفة . أشهرها وأقواها والتي نذكرها جميعا كانت أثناء حربهم في فيتنام . إلاّ أن الشعب الفيتنامي هو الذي فرض عليهم تغيير استراتيجيتهم وأخرجهم من أرضه بهزيمة نكراء وكان ادعاؤهم آنذاك ، أن وراء انسحابهم وليس هزيمتهم ، تقديم المساعدة والمساندة من الصين والاتحاد السوفياتي والدعم الذي كان يتلقاه الثوار حينها ، مع ذلك انتصر الشعب الفيتنامي شمالاً وجنوباً وأصبحت فيتنام دولة مستقلة ويمكن القول أن لديها إمكانيات استثمارية ومصادر دخلها متعددة وعلى رأسها الزراعة وقد تنافس باقتصادها دول أكثر قدرات منها. والشعب الأفغاني ليس أقل منهم إرادة وقوة وشجاعة بل العكس فالأفغان بخبراتهم القتالية ضد السوفيات وعزيمتهم سوف يحققون النصر ويفرضوا على أمريكا وحلفائها تغيير استراتيجيتهم ، هكذا هي الشعوب الحية والمناضلة تفرض إرادتها على الآخرين ولا تنتظر من أحد مهما كانت قوته أو قرابته مساعدتها. وبعد ذلك سوف تهب كل القوى الحرة في العالم لمساندتها لتغيير الاستراتيجيات المفروضة عليها وانتزاع حريتها بنفسها كما حدث في فيتنام.
أما الأخبار الواردة في هذه الأيام من أفغانستان هي : أن علماء أمريكان أكتشفوا في جبالها كميات من المعادن الثمينة تساوي ترليونات من الدولارات، يا ترى هل هذه الأخبار صحيحة ؟؟ شخصيا أتمنى ذلك ، لينتقل هذا الشعب المسلم المثابر من حالة المعاناة التي يعيشها إلى رخاء واستقرار، أم أنه خبر ، القصد منه إلهاء الشعب الأفغاني عن المقاومة ومواجهة القوى المعتدية عليه ، بالتفكير في الثروة والطمع الذي قد يخلق بذور خلاف أخرى بين مختلف فئات المجتمع وقبائله .
إن عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي كان فيه للولايات المتحدة الأمريكية شأن قد ولى ، حيث كانت الشعوب آنذاك وبالذات شعوب الدول النامية تنظر إلى أمريكا نظرة إعجاب وتقدير وكانت تظن بأن عهد التخلص من المستعمر الغربي قد بدأ ، بعد أن حاربت أمريكا بريطانيا وقضت على الاستعمار وظهر قادة منهم ينادون بالحرية للشعوب ، لكن مع مرور الزمن وتغيير القادة خاصة في بداية الستينات من القرن الماضي، تغيرت المبادئ والقيم التي نادى بها القادة الأوائل عندما أطاع القادة الجدد المجموعات الرأسمالية التي أعادت فكرة الاستعمار للسيطرة على مقدرات الشعوب ، وبدأت بالتخطيط والتنفيذ من جنوب شرق آسيا ، ونظرا لهزيمتها هناك وعدم تمكنها من السيطرة اتجهت إلى الشرق الأوسط وإلى الدول العربية والإسلامية ، خاصة مع ارتباط مصالحها بإسرائيل التي زُرعت غصبا في المنطقة ، وكذلك وجود عملاء لها في السلطة هنا وهناك ظنت أن بإمكانها تحقيق طموحاتها وأن احتمال سيطرتها على ثروات هذه الشعوب أكثر واقعية من جنوب شرق آسيا ، لكنها اليوم لازالت تتخبط في خططها آملة تحقيقها يوماً ما. ومع وصول أوباما إلى السلطة ظنت شعوب المنطقة بأن عهداً جديداً قد يبدأ معه ويمحي الصورة البشعة لأمريكا التي ترسخت في أذهانها في السنوات الماضية ، واستبشرت بتصريحات أوباما قبل وبعد انتخابه لكنها تبخرت أمام طموحات ونفوذ الرأسماليين. ورغم كل هذا فأمريكا سوف تضطر للخروج من أفغانستان عاجلاً أم آجلاً ، لكن هل سوف يتوقف طمع وجشع هؤلاء المسيطرين على الإدارة الأمريكية خاصة بتعاونهم وارتباطهم المنقطع النظير بالصهاينة وإسرائيل ؟؟
ربما قد يحدث ذلك إذا غير أوباما فريقه واتخذ خطوة جريئة كما فعل جورج واشنطن الذى اختار أن يعيش بسلام مع كل الشعوب ، فبدلاً من الحرب والدمار للسيطرة على ثروات الشعوب والصرف على هذه الحروب مليارات الدولارات لأجل مصلحة مجموعة من الأفراد المغامرين والنازيين الجدد ، على رئيس الولايات المتحدة وإدارته أن يدرك بأن هذه المليارات التي تصرف هدراً يمكن أن تطعم ملايين الفقراء في أمريكا ، والثروات الموجودة في باطن الأرض في مختلف القارات والدول ، وجدت لكي تستفيد البشرية منها ، ولكي تعيش شعوب الأرض بسلام وأمان.
كانت بالأمس فيتنام ، واليوم أفغانستان والعراق ، وغداً شعب آخر في أفريقيا أو أمريكا الجنوبية من يدري ؟؟ فهل حلم التعايش بسلام بين الشعوب سوف يتحقق يوماً ما ؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *